عطر أيامي // بقلم المهندسة مهى سروجي

⚘ عطر أيامي ⚘
****************
كنت جالساً بأحد دور الثقافة أقرأ كتاباً حينما مرت قريباً مني ما عدت أعرف ماذا أصابني بالبداية تنسمت رائحة ياسمين و بعدها عطر فل و كأني مع كل خطوة تخطوها تنشر نوعاً من أنواع الأريج لزهور عديدة من بينها السوسن و الزنبق و الريحان مع عبق المسك و العنبر استلطفت وجهها البريء و سحرتني ظل بسمة مطبوعة على الشفاه تعلن عن خجل ينطبع أثره باحمرار في وجنتيها في مجمل الأمر سحرتني إطلالتها و حشمتها التي توحي باحترامها لحجابها انطبعت صورتها في مخيلتي و ليس هذا فقط بل أحسست أنها استقرت في عمق فؤادي نسيت كتابي الذي كنت اقرؤه و صارت عيناي تتابعانها خطوة بخطوة إلى أن استقرت على كرسي بعد أن أحضرت كتاباً جلست بالقرب من إحدى الفتيات اللواتي كن بالقاعة و راحت تقرأ ثم أخرجت كراسها من حقيبة كانت تحملها و قلماً و كأنها تنقل بعض فقرات الكتاب و لا زالت عيناي تراقبها و حمدت الله في ذاتي أن الموجودين مشغولون بقراءاتهم صرت جاهداً أجبر عيناي ألا تتجهان إلى مكان جلوسها و لكني فشلت حتى انتابني شك انهما ليستا عيناي بل كأني بهما تلومانني بقسوة : ماذا تريد منا أيها المأفون لن نحول نظرتنا عنها ألا تدري أن قوة أشبه بجاذبية الأرض تشدنا دونما مقدرة منا على الإبتعاد و جال بخاطري حديث رسولنا الكريم : 《 لا تتبع النظرة النظرة 》 صدق و الله و لأجل هذا راحت عيناي تتشبثان بهذه النظرة حتى تبقى هي النظرة الأولى و ينعدم وجود النظرة الثانية التي لا يجوز لنا أن نتبعها بالأولى .
و نسيت أمر من حولي كانت القاعة تضم ما يقارب عن عشرين شخصاً و كأن نسائم مرورها قد جعلتني لا أحول نظري عنها و قد ملأ عبيرها كل أنفاسي و بقيت تقرأ و تكتب ما يقارب الساعة ثم نهضت و أعادت الكتاب و وضعت كراسها بحقيبتها و مشت مغادرة القاعة فقمت منطلقاً وراءها وبدأت أسير خلفها و قبل أن اقترب منها استقلت الحافلة و راحت و لم أعد أستطيع متابعتها فرجعت إلى القاعة لعلني أحظى بمعرفة اسمها فسألت المشرف على القاعة عن كتابي الذي تركته على الطاولة و كان أن قال لي : لا يجوز يا أستاذ هذا التصرف كان يجب أن تعيده لمكانه
أجبته : معك حق آسف كنت مضطراً لحديث على هاتفي و سأعود
قال : طيب بالمرة القادمة انتبه لهذا و لا تنسى أن القاعة للقراءة فلا اريد التشويش على الحاضرين تناولت أيما كتاب و جلست أتظاهر بالقراءة ثم أعدته و هممت بالمغادرة لكني ما استطعت كبح رغبتي في معرفة اسمها فعدت لأسأل المشرف أخرجت ورقة كتبت عليها سؤالي : ما هو اسم الصبية التي أتت قبل قليل و جلست تكتب ثم كتبت له : صراحة أنا مبهور بها و أريد التعرف عليها و أكثر من هذا أريد التقدم لخطبتها .
و أعطيته الورقة كي يقرأها و يعطيني الجواب نظر إلي و ابتسم ثم كتب لي : لاحظت هذا الأمر و كتب اسمها بالكامل كما جاء بالبيانات عنده أي شخص يدخل القاعة يعطي بياناته للمشرف ثم اضاف ربنا يوفقك .
أخذت الورقة و عرفت اسمها
كاد قلبي يرقص فرحاً و صرت أفتش عنها و أسأل عن عائلتها و أعياني البحث فقررت العودة للمركز لأسأل المشرف عن رقم هاتفها و لكنه اعتذر هذا ليس من ضمن البيانات المطلوبة لكنه اعطاني رقم واحد من أقاربها كان عمها فهو على معرفة وثيقة به أخذته و شعرت بالفرحة تغمرني من جديد و بمجرد صرت بالشارع اتصلت و تحدثت مع عمها تعارفنا و أخبرته الأمر فأعطاني رقم والدها و اتصلت به حددت معه موعداً و ذهبت أنا و والدتي للموعد و تم الإتفاق بدون عقبات و أعلنا الخطوبة و كنا في أوج السعادة .
و تمت مراسم الزواج كنت متلهفاً للقائها و التقينا ....
ماذا أقول أهي حورية من الحور الحسان يا لهذه النظرة من عينها كم أذابت أشواق قلبي فجرت ينابيع حبي أسرني هواها سألتها : كأن لك عبق الزهور كلها فماهو سبب هذا
أجابتني بصوتها الساحر :
قد زرعوا في قلبي عند مولدي كل أنواع الأزاهير في البطين الأيمن من قلبي كان الياسمين مع الريحان و في البطين الأيسر كان الفل مع المنثور و بالأذينة اليمنى استوطن السوسن و الزنبق و باليسرى القرنفل و معه زهر الأقاحي و مزجوا الجوري مع دماء الوتين و راحت تغذي الجسم و ترويه عطراً
فقلت لها :
آه يا زنبقة أيامي و فلة أحلامي يا سوسنة الليالي يا جوريتي
أنت عندي أحلى من الحور الحسان
قلبي أقدمه لك لتزرعيه في بستان فؤادك ليكون الشوك الذي يحمي زهور قلبك من أي عدوان و دمت فواحة بأريج لا مثيل له لتكونين
⚘ عطر أيامي ⚘
#مهى سروجي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة كورونا // بقلم المهندسة مهى سروجي

لحن حزين // بقلم المهندسة مهى سروجي

بالإبتسام تكرمي // المهندسة مهى سروجي