من واقع أيامي // بقلم المهندسة مهى سروجي

⚘من واقع أيامي⚘
****************
كنت في الثاني الثانوي و من طاقم التدريس مدرسة اللغة الإنكليزية كان أن سبق لها و كانت تدرس لأختي التي تكبرني بتسع سنوات و من أول درس أخذت منها عقوبة وصلني حديثها بغرفة المدرسات كن يتحدثن عن الطالبات أجابت : الحقيقة أني قمت بمعاقبة طالبتين و الغريب أنهما تحملان نفس الإسم ( و ذكرت اسمي ) لكن الفرق بينهما أن الأولى ذكية جداً و لو درست قليلاً لكانت الأولى على القطر كله و الثانية على النقيض تماماً و علمت أنها كانت تقصدني بالأولى كما قالت لي و تقصد بالثانية طالبة في شعبة ثانية و مشت أيام السنة يوماً وراء يومٍ كنت معها على الدوام بحرب ضروس كانت تطالبنا بالحفظ الحرفي لجمل الكتاب حتى إذا جاءنا بالإمتحان سؤال بصياغة خمس جمل لخمس كلمات نختارها من بين ستة كلمات أوردها السؤال في جمل مفيدة نكتب على السريع جمل الكتاب فننال العلامة كاملة قد تنسى إحدانا و لا تسعفها الذاكرة لجملة فتخسر علامتها كان لكل جملة علامتان و علامة السؤال بالكامل عشرة كنت أطرح ما يجول بفكري على هذا الوضع فينشأ بيننا جدال أخرج منه بأني عنيدة متشبثة برأيي كان نقاشي لها كما يلي : لاضرورة لحفظ عدد كبير من الجمل في سبيل صياغة خمس كلمات
تجيبني : و تضيع عليك عشر علامات أهكذا أفضل
أرد عليها : لا ليس حكماً أنا اشرح وجهة نظري و لك أن تضعيني على نقاط الخطأ فيها
إذا كانت الطالبة من النوع المجد و المجتهد و تتقن صياغة الجمل كما تتقن الحفظ فلها الخيار أن تحفظ أو تعتمد على مقدرتها بالكتابة
أما إذا كانت من النوع الذي يجيد التأليف و تكره الحفظ فلنترك لها خيار الإبداع و ستنال العلامة ذاتها
على غرار من تتقن الحفظ كببغاء و لا تتقن التأليف و هي تخشى ضياع علامة لأنها تريد الحفاظ على أن تكون من الأوائل فالطبيعي بهذه الحالة أن تحفظ يأتينا نوع تكون الطالبة بمستوى متوسط ليست من الأوائل و ليست من شديدات الكسل هنا ستحفظ و قد تنسى أحياناً ما حفظته و أحياناً تنسى الكلمات و أين وردن بالكتاب فتضيع عليها العلامات و قد تحاول التأليف بحال نسيت ما حفظته و هنا يمكن أن يحالفها الحظ و تكون جملتها صحيحة أو يجفوها الحظ فتخطئ و بكل الأحوال ستكون علامتها متوسطة أعلى بقليل من حد الكسر بالمادة و الذي كان ثمانية من أصل ثلاثين و يبقى الطالبة الكسولة و التي لا تأبه لشيء لأنها على الأغلب غير مستوعبة للمادة ككل و هذه لا يحسب حسابها أحد تكون رغبتها الحصول على الثانوية و إن كان بالجر و الغش
تجيبني : و إذا كتبت جملة و أخطأت بكتابتها الكثيرات منكن تظن نفسها أوردت فعلا و بالحقيقة ما كتبته كله أخطاء بعضهن لا يفرقون بين الماضي و المضارع يكونون بالمضارع يحولون الى الماضي بدون دراية
أجيبها : الإنسان حتى يبدع يجب أن يتعلم من أخطائه و يحتد النقاش بيننا تقول لي : أنت عنيدة لست مثل أختك
و هذا النقاش بيننا استمر لآخر السنة كنت أصادفها عند الصباح و نحن متوجهات إلى المدرسة كانت صديقاتي يخشين السير معها حتى لا تتذكرهن فتطلب من إحداهن
حل أحد تمارين وظيفتنا البيتية الوحيدة أنا كنت أقوم بمرافقتها و كنت أهدف للنقاش معها و أفرح حينما تقول لي : يا عنيدة
و بعد كل نقاش أقول لصديقاتي سوف أكون أنا أول من تنادي علي لأول تمرين و بكل مرة لا يصدقنني و يكون اسمي هو الأول إلى أن جاء يوم لم أكن أعرف أنه لدينا واجب وظيفي فقلت لصديقاتي : الحمد لله اليوم لا يوجد وظائف يومها كان نقاشي معها قوياً جداً فقالت لي صديقتي : من قال عندنا وظيفة حل أسئلة الدرس كنت رغم مشاغباتي ملتزمة بكتابة وظائفي من جهة و بلباسي المدرسي من جهة ثانية عندها فتحت الكتاب قرأت الجملة و وضعت الكلمة بالفراغ كانت مدرستي سريعة الخطو و كان صفي بآخر الممر لم أستطع يومها قراءة الجملة سوى مرة واحدة كانت أن وصلت لعتبة الصف و قبل أن تعبر فتحة الباب : قومي مها قولي السؤال الأول
و أقوم دون أن أفتح دفترا او كتابا أتلو الجملة و لما انتهيت و إذ بها تغدق في مدحي رائعة أنت اليوم أنا أحببتك
أول إطراء سكت و ثاني مرة عندما فرغت زميلتي من حل التمرين الثاني نظرت إلي و كانت واقفة بالقرب مني عند رأس مقعدي : أنا اليوم فرحانة بك جداً و تكرر المدح ثلاث مرات ما عدت أحتمل تمدحني و انا غير أهل لكل هذا المدح ٠ فبحت لها أني ما كتبت وظيفتي و لا أعلم أنها مقررة علينا سألتني : لكنك قلت الجملة بشكل صحيح قلت لها قرأتها قبل حضورك لأني أعرف أنك ستختارينني من بين الطالبات لما جرى بيننا من نقاش قبل قليل
قالت : سأدور عليكن لأرى الدفاتر اكتشفت خمسة طالبات كانت إحداهن ليست من فئة السيئات المعدمات و البقية من المعدمات إلا أنها لم تعط مبرراً فوجهت لهن عقوبة و كل واحدة تقول و مها تجيبها : لن أعاقب مها اليوم فرحانة بها كثيراً و فرحتي لا أعطيها لأحد
صديقتي هذه صارت تلومني بعد انتهاء الحصة تقول : إن ماةمدحتك ما منخلص و ان مدحتك ما منخلص كنت تبقي ساكتة قلت لها يومها : و من أين لي أن أعرف أنك غير كاتبة للوظيفة لو علمت كنت سكت ليس هدفي الوشاية و أنت تعلمين هذا .
و حتى بأيام الجامعة كلما التقت بي تلومني .
أيام مرت بي كنت أحبها جداً جداً ..... التوقيع مهى سروجي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة كورونا // بقلم المهندسة مهى سروجي

لحن حزين // بقلم المهندسة مهى سروجي

بالإبتسام تكرمي // المهندسة مهى سروجي