موت الياسمين بقلم الأديبة مهى سروجي
اقدم لكم قصة قصيرة من تأليفي :
موت الياسمين
طفلان برعمان كزغلولين وهما بنفس العمر عشر سنوات كزهرتين مبللتين بالندى يعبق المكان بشذاهما
لم يذوقا حلاوة الطفولة إذ تمر بنا أياماً سوداء جميعنا تعلما من صغرهما عبارات لن تنسلخ عن ذاكرة كل واحد منهما سمعا أصواتاً ترجف لهولها القلوب كانت سكناهما بنفس المبنى جمعت بينهما جيرة مشتركة و مقاعد دراسية أيضاً .
كانا سوياً يذهبان الى المدرسة وهي قريبة لبيتهما و يعودان معاً
ما أحلاهما هو يحنو عليها نلقاه آخذاً بيدها ليقطعا الشارع وهي تنظر ببراءة تطبع على وجهها حلاوة كأنها صيغت من سكر يذوب على قسمات وجهها تشوبه حمرة الخجل الطفولي واذ بها لوحة صاغها المولى عز و جل كل من ينظر اليها يقول : سبحان الله تبارك الرحمن .
يوماً أتانا حمل في طياته سواداً قاتماً و دماراً موتاً ، معظم الاهالي رفضوا ارسال فلذات أكبادهم الى المدرسة لكن بطلنا وجارته أقنعا أمهما بالموافقة ليذهبا الى المدرسة ولم لا فالمدرسة قريبة و الشارع نسبة أمانه جيدة إذ نادراً ما يتلقى من القذائف و ما شابه فيما عدا أياماً وصفت عند اهل هذا الشارع بالسوداء .
كان ذهابهما الى المدرسة يخفف وطأة ما يحدث باللعب مع الاصدقاء و تلقي الدروس من المعلمات كان بمثابة ترويح لهما من سماع قصص تجعل الولدان شيباً لهولها
غادرا سوياً ولما هما باجتياز الشارع الى الجهة المقابلة شيئاً كأنه السهم مرق من جانبه التفت برأسه جانباً ليمسك بيدها و يركضا رآها واقعة تسبح بدمائها و بوسط قلقه والخوف الذي ملأه صار ينظر هنا و هناك لم يعرف ماذا حدث هم لينهض وقبل ان يستكمل وقفته واذ بسهم ينفذ ليستقر بجسمه الصغير فيترنح و يعاود السقوط بقربها وكأن يده تطوق عنقها الغض و كأنهما ملاكان أغمضا جفنيهما و ناما على وجهه نظرة حزن يريد بها ان يقول :
عذراً حبيبتي لم استطع ان افديك بروحي
و على وجهها ابتسامة صغيرة تعلن انها تحمد الله اذ قضت بين يديه الحنونتين تقول : وداعاً حبيبي نلتقي عصفوران تطوف روحينا في جنان ربنا .
وهكذا برصاصتي غدر من قناص ما زارت قلبه رحمة ولا سكينة انتهت حياة طفلين .
قتلوا براءة لاذنب لها على حجارتك يا بلادي مات الياسمين .
#مهى سروجي
تعليقات
إرسال تعليق